نتعامل مع هواياتنا عادة بطريقة مهملة، ولا نعطيها حقها وغالبًا ما نتركها لأوقات الفراغ التي قد لا تأتي، ولا يخطر لنا يومًا أن تكون هذه الهوايات مصدر نجاح كبير على الصعيد العملي…
فمن منا يتخيل أن تقوده هوايته إلى أن يصبح مليونيرًا، وصاحب أهم شركة في العالم الحديث وفي مجال الرياضة؟
نعم بالفعل… إنّها هوايته في الركض التي جعلت “فيليب نايت”، ومدربه “بيل باورمان” يفكران في طريقة لجعل أحذية الركض أكثر راحة، وذات نوعية أفضل من تلك التي يجدونها في السوق حتى امتلكا أكبر شركة منتجات رياضية بعدها: ” نايكي Nike “…
انطلقا من حاجة شخصية إلى حاجة جماعية في المجتمع إلى منتجات يريد كل شخص امتلاكها، والحصول على قطعة أصلية منها لجودتها؛ ولأنّها تلبي الاحتياجات لكل شخص، وكما كان يردد باورمان: “يصطاد النمر بشكل أفضل عندما يكون جائعًا”.
البداية…
نعود إلى البداية منذ ولادة فيليب نايت عام 1938 عقب الحرب العالمية الثانية في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كان عدّاءً طموحًا وتعرف من خلال هوايته هذه إلى بيل باورمان المدرب وطالب إدارة الأعمال في جامعة أوريغون، ومن خلال التدريب والمناقشة الدائمة بينهما كانا يحاولان إيجاد حل لمشكلة الأحذية غير المريحة التي يعانيا منها أثناء الجري، فجاءت الاحتياجات الشخصية دافعًا وسببًا حثتهما على الابتكار.
حاول باورمان تصميم أحذية مريحة وعالية الجودة، وقام بإرسال التصاميم إلى عدد من مصنعي الأحذية والأدوات الرياضية، إلاّ أنّ جميع التصاميم تم رفضها، فما كان منهما إلاّ أن اتخذا قرارهما بتصنيع الأحذية التي يصممها باورمان وكان هذا في عام 1964 حيث أسس نايت و باورمان شركة لبيع وتوزيع الأحذية الرياضية وأسمياها “Blue Ribbon Sports”، وكان رأسمال الشركة 600 دولار تقاسماها لشراء حذاء من شركة يابانية، والقيام بالتعديلات اللازمة عليها وبيعها.
خلال فترة الانطلاق التي كانت الأصعب بالنسبة لهما لم يقوما بافتتاح مقرًا كبيرًا للشركة، أو متجرًا واسعًا في سوق تجاري كبير، وإنّما كانا يستعملان القبو في منزل نايت، ويبيعان الأحذية في الطرقات، ومحطات القطار.
وهذه الفترة التي تعتبر الأصعب والأكثر أهمية في استمرارية الشركة امتدت حتى أربع سنوات إلى أن استطاعا أخيرًا افتتاح الشركة باسمها الحالي ” نايكي NIKE “.
بداية النجاح
عام 1972، كانت بداية النجاح لشركة نايكي NIKE حيث ارتدى أربعة من أصل سبعة عدّائين من الأوائل في أولمبياد أوجين من أحذية (NIKE)، وكان هذا بداية النجاح والدخول في سباق الزمن مع التطور والابتكار، ومنافسة الشركات الأخرى والسعي للتفوق عليها.
فقام أورمان عام 1975 بابتكار حذاءً جديدًا مميزًا، ثم تتالت الابتكارات وزادت شعبية الشركة فقاما بتأسيس نادي رياضي عام 1977 تتدرب فيه النخبة للتحضير للمنافسات الأولية والترويج لمنتجاتهم من خلاله.
سباق مع الانتشار
في بداية الثمانينات، وفي ظل المنافسة كان الحل الوحيد للشركة أن تفتش عن أساليب تجعل أحذيتها مع كل رياضي، فقامت بطرح موديل (AIR JORDAN) نسبة إلى لاعب كرة السلة العالمي مايكل جوردان.
ثم في عام 1988 طرحت الشركة شعار: (JUST DO IT)، وأصبح هذه الشعار الحماسي جزءًا مهمًا من الرياضة في العالم.
توالت إنجازات الشركة عبر ممثليها من الرياضيين، والذين يروجون لمنتجاتها في مختلف الملاعب الرياضية.
كان للمبدعان فلسفةً مختلفةً وكانا يؤمنان بالدعاية الدائمة، وتم دفع مبالغ طائلة عليها؛ لأنّ الدعاية في نظرهما أفضل استثمار.
النصر
كان اختيار اسم الشركة (نايكي NIKE) من اسم آلهة النصر عند الإغريق، واستطاعت الشركة أن تقود انتصار الكثير من الرياضيين المحترفين والهواة، حيث كان شعارهم أنّ الحذاء الذي سيرتديه أي رجل في الشارع يجب أن يكون بنفس جودة الحذاء الذي سيرتديه أي لاعب مشهور.
وهي الآن تشغل 43% من السوق الأمريكي، ولها موزعون في أكثر من 110 دولة في العالم، و استهدفت جميع الأعمار والفئات حتى أنّها مؤخرًا قامت بطرح لباس رياضي مريح ومميز للمحجبات في خطوة جريئة للغاية من الشركة تتحدى فيها الكثير من المؤسسات التي تحارب الحجاب بوصفه ممثلًا للإرهاب!
لم يبدأ نايت وباورمان الشركة برأس مال ضخم وفكرة عظيمة، وإنّما كانت البداية فكرة بسيطة يحتاجها كل شخص وهي الراحة، ولم ييأسا في البداية بل صبرا حتى كانت النتائج المبهرة التي حصلا عليها، وباتت شركتهما من أهم الشركات في العالم، وعرفت الشركة كيف تنافس وتتطور وتنشر اسمها ليكون كل لاعب دعاية لها، ولمنتجاتها في كل الملاعب العالمية.